نــــيــــو غـــــــزة
كتابة مروان مخُّول
ارتجالات أميمة الخليل . تحريك مجمع التحريك
لا أيّامَ زائدةً
فلا تتلكّأْ في بطنِ أمِّكَ يا بُنّيَّ عجِّلْ تعالْ
لا لأنّي أتوقُ إليكَ
بل لأنَّ الحربَ دارت وأخشى ألّا ترى
بلادَكَ كيفما شئتُ لك
بلادُكَ لا ترابٌ
ولا بحرٌ تنبَّأَ بالذي نحن فيه فماتْ
إنّما هي شعبُكَ، تعالَ تعرَّفْ إليهِ قبلَ أن
تشوّهَهُ القذيفةُ وتضطرَّني أن أجمع الأشلاءَ
كي تعرفَ أنَّ الذين راحوا جميلين كانوا
وأبرياء،
وأنَّ لهم أطفالًا مثلَكَ تركوهم هاربين مِن
ثلّاجةِ الموتى كلَّ غارةٍ كي يلعبوا يتامى
على حبلِ النجاة
قد لا تصدِّقُني إن تأخّرتَ
وتصدِّقُ أنّها أرضٌ بلا شعبٍ وأنّا
لم نكُنْ هنا فعلًا؛
تَشتّتْنا مرّتين ثمّ انتفضنا على حظِّنا
خمسًا وسبعينَ سنةً
عندما أزاح الحظُّ عنّا كُلَّ جَيِّدِهِ
فشاب الأمل
أعرفُ أنّ الوِزْرَ ثقيلٌ عليكْ
وأنَّ الهمَّ أكبرُ منك، فاعذرْني لأنّي
كالغزالةِ عندَ الولادةِ، تخافُ ضبعًا تَرَبَّصَ خلفَ
الجُبِّ، فَلْتَأْتِ على عَجَلٍ إذًا، ثمّ اركُضْ
بعيدًا قدْرَ ما استطعتَ
فلا يفترسْني النّدم
أمسِ أتعبني الشؤمُ، قلتُ: أُسْكُتْ
فما شأنُ صغيري، سليلِ النسيمِ؛ ما شأنُهُ والعاصفة؟
لكنّي اليومَ عُدْتُ؛ مُكرَهٌ أبوك لا بطلٌ
أحملُ في جَعبتي خبرًا عاجلًا؛
لَقَد قصفوا مَشفى المَعمدانيِّ في غزّةَ
ومِنْ بَيْنِ الضحايا الخمسِمِائةٍ كان طفلٌ
ينادي أخاه الذي بنصفِ رأسٍ وعينينِ مفتوحتين: “أخي!
هل تراني؟!”
هو لا يراه
كما لا يراه العالَمُ المشغولُ، هذا الذي
نَدَّدَ ساعتينِ ثمّ نام كي ينساه
وينسى أخاه..
ماذا أقول الآن لكْ؟
المصيبةُ أختُ الفجيعةِ، كلتاهما جائعةٌ
ومسعورةٌ تتكالبُ عليَّ حتّى
يرجُفَ فمي وتسقطَ منه كلُّ التعابيرِ الممكنةِ
على الجُثث.
لا يُعوَّلُ في حالةِ الحربِ على أيِّ شاعرٍ
فهو بطيءٌ كسُلَحْفاةٍ
عبثًا تُجاري مجزرةً تعدو كأرنبٍ
فهي تزحفُ
وهو يقفز من جُرمٍ الى جُرمٍ، بالغًا
كنيسةَ الرّومِ التي تُقصفُ الآن على مَرأًى من اللهِ الذي
جاء تَوًّا من جامعٍ سُوِّيَ بالترابِ فاستهدفوه في
حِمى المخلّصِ، أين المخلِّصُ فيما أبونا الذي
في السماواتِ، فعلًا، هو الطيرانُ
وحدَه لا شريكَ له
سوى الذي على متنِه جاء يقنِصُنا فأصابَ
أوَّلَنا اليهود،
على الصّليبِ، يا ولدي
منذ الآنَ متّسعٌ للأنبياء جميعِهم
واللهُ يعلمُ
وأنتَ ومَن مثلُك ما زلتم أجنّةً سُذَّجًا
فلا تعلمون